قوة التسويق عبر البريد الإلكتروني لتجارتك الرقمية
أيمن البربري – المدير التنفيذي ومؤسس ديجيتال أوركس
ربما يراودك هذا السؤال الآن: ألم يصبح التسويق عبر البريد الإلكتروني أسلوباً قديماً للتواصل مع العملاء؟ خاصةً مع وجود كل هذه المنصات الجديدة والإعلانات الرقمية الجذابة، حيث يظهر البريد الإلكتروني وكأنه شيءٌ من الماضي. لكن الواقع يختلف تماماً، إذ لا يزال التسويق عبر الإيميل موجوداً وبقوة، وهو واحدٌ من أكثر الأدوات التي يمكن للتجارة الإلكترونية الاستفادة منها الآن. فكّر في الأمر على هذا النحو: كم مرة في اليوم تتحقق من رسائل بريدك الإلكتروني؟
يتمتع التسويق عبر الإيميل بقدرته على الوصول إلى العملاء مباشرة، ومع وجود خطة تسويقية مدروسة يمكن أن تجعله مخصصاً وأكثر استهدافاً لهم. لذا قبل أن تفكر باستبعاده من إستراتيجيتك التسويقية الرقمية، امنح نفسك فرصةً لتتعرف على فوائده، وأنواعه الأكثر استخداماً مع التجارة الإلكترونية، وكيف يمكن لإستراتيجية التسويق الصحيحة عبر البريد الإلكتروني أن تكون نقطة تحول حقيقة في عصرنا الرقمي اليوم.
3 أنواع من التسويق عبر البريد الإلكتروني تُناسب التجارة الإلكترونية
1. رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالمعاملات
تعد أكثر الرسائل التي يتوقع العملاء وصولها من عملك خلال وبعد عملية الشراء. إذا استطعت إعدادها بشكلٍ صحيح، يمكن لهذه الرسائل أن تساعدك في الاحتفاظ بعميلك بعد إتمامه لأول عملية شراء، مما يجعلها إحدى أفضل الوسائل المستخدمة لتحويل عملاء المرة الواحدة إلى عملاء مخلصين لعلامتك التجارية.
كما يجب أن تركز على إجابة الأسئلة الأساسية لدى العملاء. على سبيل المثال، يمكن أن تتضمن هذه الرسائل معلومات حول تاريخ التسليم المتوقع، واسم شركة الشحن، ورقم تتبع الطلب، وتأكيد إتمام الطلب، والتحقق من صحة عنوان الشحن المزوّد من العميل.
تشمل رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالمعاملات أنواعاً عديدة، ومنها: رسائل تأكيد الطلب، ورسائل تأكيد الشحن، ورسائل المتابعة، ورسائل الشكر، ورسائل تأكيد التسليم، ورسائل الفواتير، ورسائل تأكيد استرداد الأموال.
2- رسائل البريد الإلكتروني الترويجية
إذا كنت ترغب في إعلام المشتركين لديك عن منتجاتك الجديدة، أو أية تخفيضات خاصة بالجمعة البيضاء مثلاً، فإن رسائل البريد الإلكتروني الترويجية هي خيارك الأول. تشمل هذه الرسائل تقديم العروض الموسمية، والعروض الخاصة، وأكواد الخصم، والنشرات الإخبارية، أو أية تحديثات على المحتوى في موقعك.
عند إعدادك لرسائل البريد الإلكتروني الترويجية، يجب أن تضع احتياجات عملائك وسلوكياتهم الشرائية في مقدمة أولوياتك. إذا لم تتمكن من جذب اهتمامهم بمحتوى يصل مشاعرهم، فإنك لن تستطيع إقناعهم باتخاذ خطوة الشراء، وبالتالي ستكون محاولاتك مجرد إضاعة للوقت والمال.
في المقابل، يمكنك زيادة احتمالية تفاعل عملائك مع رسائل البريد الإلكتروني الترويجية، وذلك من خلال استخدام عناوين واضحة وجذابة، تؤدي في النهاية إلى رفع معدلات التحويل في متجرك الإلكتروني.
وتذكر، يجب عليك دائماً توخي الحذر عند استخدامك لهذا النوع من التسويق، إذ إن كثرة إرسال رسائل البريد الإلكتروني الترويجية يمكن أن تؤدي لنتائج عكسية، مثل إلغاء الاشتراكات، والإضرار بسمعة علامتك التجارية عند ترك العملاء للتقييمات السلبية.
3- رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بدورة حياة العميل
تتيح لك هذه الرسائل فرصة التواصل الحقيقي مع المشتركين لديك. تُعرف باسم “الرسائل المحفزة”، وهي عبارةٌ عن رسائل شخصية تستهدف فئة صغيرة ومحددة من قائمة المشتركين في بريدك الإلكتروني. تتضمن مواضيع تتماشى مع المرحلة التي يمر بها العميل في دورة حياته مع متجرك، والإجراءات التي اتخذها مؤخراً.
تشمل رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بدورة حياة العميل ما يلي: رسائل الترحيب، ورسائل طلب المراجعة والتعليق من العملاء، ورسائل التذكير بإتمام عملية الشراء، ورسائل استعادة العملاء، ورسائل الاستطلاعات، ورسائل المتابعة للطلبات الثانية، وغيرها.
لماذا يجب أن أبدأ باستخدام التسويق عبر البريد الإلكتروني؟
أصبح إرسال البريد الإلكتروني جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية، خاصةً مع تزايد سهولة الوصول إلى الإنترنت. وبينما نستخدمه للتواصل مع العائلة والأصدقاء وزملاء العمل، فلماذا لا تستفيد من هذه الأداة القوية للتواصل مع عملائك؟ عند امتلاكك للإستراتيجية الصحيحة، يمكن أن يتحوّل التسويق عبر البريد الإلكتروني إلى استثمارٍ قيّم لعملك في التجارة الرقمية. إذاً، ما هي تماماً فوائد إرسال البريد الإلكتروني لعملائك؟
رفع الوعي بالعلامة التجارية
إحدى أهم مزايا التسويق عبر البريد الإلكتروني هي امتلاكك لقائمة خاصة من المشتركين، مما يعني وجود جمهورٍ دائمٍ يمكنك التواصل معه. هذه القائمة من جهات الاتصال لا تقتصر على المشتركين الحاليين فحسب، بل يمكن أن تشمل أيضاً العملاء المحتملين. عند إرسالك لرسائل دورية ومنتظمة تتعلق بالعروض أو توصيات المنتجات إلى قائمتك، فإنك تساهم في جذب المزيد من الزوّار إلى عملك، وزيادة الوعي بعلامتك التجارية.
تكلفة مناسبة
يُعد التسويق عبر البريد الإلكتروني إستراتيجية اقتصادية وفعّالة، تتيح لك تحقيق عائد كبير بتكاليف مقبولة. ينطبق هذا بشكلٍ خاص على الشركات الصغيرة التي تسعى دائماً لتنمية علامتها التجارية بأقل التكاليف الممكنة. إذا كنت مالكاً لشركة صغيرة، فإن إرسال البريد الإلكتروني يضمن وصولك إلى الأشخاص المناسبين؛ لأنك تستهدف قاعدة عملاء محددة تشمل أولئك الذين أبدوا بالفعل اهتمامهم بمنتجاتك أو خدماتك.
تغذية راجعة ونتائج فورية
كما ذكرنا سابقاً، يعد فهم احتياجات عملائك أمراً أساسياً لبناء حملة تسويق ناجحة عبر الإيميل، ولكي تضمن حصولهم على تجربة إيجابية مع عملك أو شركتك، ينبغي عليك جمع آرائهم وملاحظاتهم. لحسن الحظ، هذه المهمة صارت أسهل مع التسويق عبر البريد الإلكتروني، حيث يمكنك استخدام أدوات مخصصة لجمع أي معلومات تحتاجها، مثل استبيانات رضا العملاء، والاستبيانات المفتوحة، واستبيانات تقييم المنتجات أو الخدمات.
إضافةً إلى إمكانية التزويد بتغذية راجعة فورية من العملاء، يُقدّم التسويق عبر البريد الإلكتروني نتائج سريعة وسهلة التتبع. عند استخدام برامج التسويق عبر الإيميل المتقدمة، يمكن للمسوّقين تتبع مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs)، مثل نسبة النقر إلى الظهور (CTR) ومعدل الارتداد ومعدل إلغاء الاشتراك.
إستراتيجيات التسويق عبر الإيميل للتجارة الإلكترونية
أظهر استبيان حديث أجرته شركة Statista أن حوالي 362 مليار رسالة بريد إلكتروني تم إرسالها واستلامها حول العالم في عام 2024 فقط. من الجدير بالذكر أن 49% من هذه الرسائل تُصنف كرسائل غير مرغوب فيها (Spam)، وبالتالي، تؤكد هذه الحقيقة على أهمية بنائك لحملات بريد إلكتروني قوية، تُمكّن عملك من التميز وسط هذا الكم الهائل من الرسائل في صندوق الوارد المزدحم لعملائك.
تضمن الإستراتيجية الفعالة ألّا ينتهي الأمر برسائلك البريدية في مجلد السبام، المكان الذي لا يُزعج أحدٌ نفسه بالتحقق منه أو إفراغه حتى. لكن لا داعي للقلق؛ فقد جمعنا لك ثلاث إستراتيجيات فعّالة للتسويق عبر البريد الإلكتروني تساعدك على ضمان النجاح، سواء كنت تمتلك شركة تجارة إلكترونية أو بصدد إطلاق متجرك الجديد.
1. أنشئ سلسلة رسائل ترحيبية عبر البريد الإلكتروني
إن حصولك على مشتركين جدد يعني أنهم مهتمون بما تقدمه. والآن جاءت فرصتك للتفاعل معهم وبناء مصداقيتك وإظهار قيمة منتجاتك أو خدماتك. فكّر في رسائل الترحيب على اعتبارها أول انطباع لدى عملائك، والمشكلة في ذلك هي أنك قد لا تحصل أبداً على فرصة ثانية لتكوين انطباع جيد. لذا، من الأفضل أن تستخدم هذه الأداة القوية بحكمة.
تُعد رسائل الترحيب من أبرز أدوات التسويق عبر الإيميل التي تشجع المشتركين على استمرار تواصلهم معك، مما يضمن تفاعل العملاء مع عملك طوال دورة حياتهم. إذ يمكن لسلسلة رسائل ترحيب جيدة أن تجذب انتباه الناس وتترك انطباعات دائمة لديهم. لكن يكفي إرسال رسالتي ترحيب حتى ثلاث فقط، حيث أن تجاوز هذا العدد قد يؤدي إلى إزعاج المشتركين الجدد، أو الأسوأ، تحويل جميع رسائلك إلى مجلد السبام.
يجب أن تُرسل أول رسالة ترحيبية بعد التسجيل الجديد فوراً. يمكن أن تتضمن هذه الرسالة ملاحظة شكر، أو مقدمة عن علامتك التجارية، أو نظرة عامة لما يمكن أن يتوقعه العملاء من رسائلك المستقبلية. إضافةً إلى ذلك، في حال قدمت وعداً أو عرضاً حصرياً عند التسجيل، تأكد من تضمينه في هذه الرسالة لتعزيز قيمة تجربة عملائك.
يمكن إرسال الرسالة الترحيبية الثانية والثالثة خلال أيام قليلة بعد الرسالة الأولى. في هذه الرسائل، يجب أن تُقدم للمشتركين سبباً مقنعاً لشراء منتجاتك أو خدماتك. ركّز على القيمة التي ستضيفها لحياتهم، وامنحهم المزيد من الخيارات للتواصل مع عملك التجاري الإلكتروني عبر منصات التواصل الاجتماعي.
2. خصّص رسالتك
يمكن أن تُحقق ميّزة تخصيص الرسائل نتائج رائعة لتجارتك الإلكترونية، لكن عندما نوصيك باستخدام هذه الميزة، فإننا لا نعني بذلك أن تُراجع قائمة المشتركين لديك وتبدأ بإرسال رسائل فردية واحدة تلو الأخرى؛ لأن ذلك سيستغرق وقتاً طويلاً، صحيح؟
في الواقع، إن التخصيص في حملات البريد الإلكتروني يعني جمع الشركات لبيانات العملاء من قائمة المشتركين لديها، واستخدامها من أجل إنشاء محتوى مخصص يتناسب مع احتياجات واهتمامات كل مستلم. على سبيل المثال، تعد الرسائل الخاصة بعيد الميلاد أحد أفضل أنواع الرسائل المخصصة؛ إذ تُعزز شعور العميل بالانتماء نتيجة التقدير والاهتمام المبدى له من الشركة.
تخصيص رسائل تجارتك الإلكترونية قد يكون أسهل مما تتخيل؛ مثلاً، يمكنك استخدام اسم المشترك في عنوان البريد الإلكتروني، أو تقديم توصيات منتجات وخصومات مخصصة له بناءً على سلوكه الشرائي وسجل بحثه. لكن السؤال هو: من أين تحصل على هذه المعلومات؟
كل شيء يبدأ من نماذج التسجيل؛ أي عندما يملأ العميل بياناته الشخصية للتسجيل في قائمتك. يمكن لاسم المشترك، وجنسه، وموقعه، وغيرها من الخصائص التي تجمعها نماذج التسجيل أن تساعدك في إنشاء رسائل ذات محتوى ينتظره المشتركون ويتوقعون وصوله.
هناك طريقة أخرى لتخصيص بريد تجارتك الرقمية، وهي استخدام عنوان بريد إلكتروني رسمي للرد على العملاء. ضع نفسك مكان المشترك؛ ماذا ستشعر إذا تلقيت بريداً إلكترونياً من [email protected]؟ إن استخدام هذا النوع من عناوين الإيميل يزيل الجانب الشخصي من رسالتك، وبالتالي يؤثر على سمعة علامتك التجارية والعائد على الاستثمار (ROI).
3- اجعل رسائلك الإلكترونية متوافقة مع الأجهزة المحمولة
في عصرنا الرقمي الحالي، يستطيع الأشخاص التحقق من بريدهم الإلكتروني أينما ومتى أرادوا، مما يعني أن عملاءك لديهم إمكانية الوصول إلى صندوقهم الوارد على مدار الساعة. تخيّل المشتركين لديك وهم في حالة تنقل مستمرة، يتحققون من بريدهم الإلكتروني بين الاجتماعات، أو أثناء انتظار الحافلة، أو ببساطة خلال استراحة يشربون فيها مشروبهم المفضل. فجأة، تلفت انتباههم رسالة بريد إلكتروني من متجرك. في تلك اللحظات السريعة تحديداً، ألا تريد أن يكون بريدك قادراً على جذب انتباههم ودفعهم لإكمال القراءة؟
يعد تحسين رسائل البريد الإلكتروني لتتوافق مع الأجهزة المحمولة أمراً بالغ الأهمية لبناء تسويق قوي وفعّال للتجارة الإلكترونية عبر الإيميل. حيث تتكيف الرسائل الملائمة للأجهزة المحمولة مع الشاشات الأصغر، مما يضمن نصاً واضحاً وسهل القراءة. إضافةً إلى ذلك، يُساهم تحسين رسائل البريد الإلكتروني للأجهزة المحمولة في تعزيز سمعة علامتك التجارية، وبالتالي يعكس صورةً احترافية وحديثة عن عملك. فيما يلي بعض النصائح الأساسية لضمان ظهور رسائل بريدك الإلكتروني بشكلٍ رائع على الأجهزة المحمولة:
- انتقل مباشرة إلى الموضوع باستخدام عنوان بريد إلكتروني واضح ومختصر، حيث تتناسب أسطر العناوين القصيرة بشكل مثالي مع أحجام الشاشات المختلفة.
- احرص على أن يكون نص بريدك الإلكتروني قصيراً قدر الإمكان. أظهرت الأبحاث أن طول الإيميل الذي يتراوح بين 50 إلى 125 كلمة يمكن أن يحقق معدل استجابة يزيد عن 50%.
- تأكد من أن نص بريدك يبدو جيداً على جميع الأجهزة. يمكنك التحقق من ذلك عن طريق اختبار النص على عدة أجهزة قبل إرساله.
- أما بالنسبة لتصميم بريدك الإلكتروني، يجب التأكد من أن كل شيء يظهر بسلاسة. حاول استخدام تصميم بعمود واحد مع خطوط كبيرة، وأزرار دعوة لاتخاذ إجراء واضحة وسهلة التحديد والنقر. من الأفضل أيضاً استخدام صور صغيرة الحجم لتقليل أوقات التحميل، ولا تنسَ تضمين نص بديل للصور في حالة عدم تحميلها بشكل صحيح أو عدم تحميلها على الإطلاق.